‏إظهار الرسائل ذات التسميات {{ بلا ريشة }}. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات {{ بلا ريشة }}. إظهار كافة الرسائل

2011/05/10

ومضى ...



جريحٌ (عادل) ؛ ولم يكن فيما مضى سوى كذلك ؛
وله في كل مرة طريقة عجيبة -وإن تكررت- في مداواة جرحه ؛
تتلخص في طقوس ٍتصاحب تدوينه وَصْفَ نزفه ؛
وتتمثل في طريقةٍ لتضميد جرحه بريشته ومحبرته !
فمن طاولة صغيرة أسفل نافذة غرفته البسيطة ؛
لكوبٍ صَبُغَ لونه الأبيض بلون القهوة القاتم ؛
وريشة ورثها عن جده ؛ ومحبرته التي أهداها له والده ...
وأكثر ما يحرك شجنه ؛ حديقة مجاورة ؛ صغيرة ؛ أنيقة
تبعد دون مدِّ بصره فيراها من خلال نافذته ؛
وذكرىً تجمعه بمن كانت هواه وسلواه ؛ عشقه ومأواه ؛
تلك الجميلة (بنان).

2010/08/15

سبعة أيام (ملونة) /2/




-         التاريخ / يوم السبت : 5/12/2004 م
الوقت : الثانية والربع فجراً.
المكان : سيارة "أحمد" وهي تقطع شوارع المدينة بسرعة كبيرة.
-         الحدث : { أرجوك يا "أحمد" أسرع ... } ردد الأخير وهو يختلس النظر في المرآة لابنة أخته المسجاة على فخذي والدتها ويفرك عينيه طارداً – بظنه – النعاس عنهما : { طيب ؛ طيب ... سنصل بإذن الله فلم يتبق إلا مسافة يسيرة ؛ "مريم" حبيبتي اذكري ربك والهجي بالدعاء والاستغفار } وكأنما بمقولته تلك أفاقها من غيبوبة فتحول صراخها لتضرع خاشع وسط دموع ساخنة ؛ وما فتئ لسانها يكرر : { لطفك يا رب ؛ يا ارحم الراحمين ؛ أتوسل إليك وأنا اعلم بأنك أرحم بها مني ؛ يا رب رحمتك وحنانك ؛ يا رب عفوك وعافيتك ... } مضت دقائق أربع بدت طويلة جدا ؛ وثقيلة بل مميتة ؛ حتى هتف "أحمد" وهو يدلف لبوابة الطوارئ في مستشفي شهير : { ها قد وصلنا } ولم يكد يوقف السيارة حتى قفز منها صارخاً وهو يزدرد لعابه محاولاً السيطرة على انفعاله : { حالة طارئة ؛ بسرعة يا إخوة أرجوكم ؛ بسرعة رحم الله والديكم } ولم تنتبه "مريم" إلا والمسعفين يفتحون الباب برفقة شقيقها وأحدهم يتناول منها ابنتها وهو يقول بصوت ِمن تعودَ تهدئة المنفعل ِ: { اطمئني يا أختي ؛ ستكون ابنتك بخير بإذن الله } وخلال نصف دقيقة كانت الصغيرة قد تمددت على السرير الأبيض في غرفة الإنعاش الجانبية وقد ألتف حول سريرها طبيبان وثلاث ممرضات ؛ كانت الغرفة أشبه بالخلية ؛ وأحد الطبيبين يوجه أوامره لممرضتين بأن تراقب إحداهن النبض وتتأكد من الضغط وتعد الأخرى العدة لإجراء إنعاش طبي ؛ في حين كان الطبيب الثاني يحادث الممرضة الثالثة ويأمرها بإحضار سجل "آلاء" الطبي ومعرفة تفاصيل ومرات تعرضها للتشنج ومتى كانت آخر نوبة ؛ وخلف الباب وقفت "مريم" وأنفاسها المتلاحقة ودموعها الصامتة تعبر عن شيء يسير من اضطرابها ؛ أما "أحمد" فقد جعل َينفخ في يديه وكأنما برودة الطقس وصلت إليه داخل المستشفى ! كان لكل منهما طريقته الخاصة في التعبير عن توتره وربما خوفه وذعره ؛ لكن الغريب أنهما اتفقا في النظر – كل برهة – ناحية ساعة جدارية ؛ حتى ليظن الرائي أنهما على موعد مسبق ينتظران حلول وقته ! ؛ مضت عشر دقائق كاملة ؛ قبل أن يخرج أحد الطبيبين وهو يقول من خلف الكمامة الطبية وقد شرع في نزع قفاز يده اليمين : { الحمد لله ... لقد عاد نبض القلب للانتظام ؛ وما أخر عملية الإنعاش هو طول فترة التشنج والتأخر في الحضور؛ وهذا ما استغربه منك يا أخت "مريم" ! } فانفجرت "مريم" بالبكاء ؛ وغطت وجهها بيديها كما تفعل في كل مرة تبكي فيها ؛ ولكن الدموع هذه المرة اختلفت ؛ فقد كانت دموع فرح وسعادة بنجاة أبنتها ؛ وما لبثت أن قالت من بين دموعها : { سامحني يا دكتور ؛ لقد انشغلت المربية بترتيب ملابس "آلاء" وحتى لا تزعجها فقد فعلت ذلك في غرفة الغسيل ؛ وحينما انتهت كان قد مضى ساعتين منذ تركت "آلاء" نائمة و ... } فقاطعها الطبيب بصوت يبعث الاطمئنان على المستمع : { لا عليك يا أختي ؛ إنما أردت تنبيهك على نقطتين ؛ الأولى : الحرص على عدم ترك الصغيرة لوحدها قبل أن تستغرق في النوم ؛ فملفها يقول بأن جميع حالات تشنجها كانت بعد نوبة بكاء طويل ؛ والأخرى : ... لا أعلم كيف أقولها ؛ لكن أذكر أنني قرأت عن جهاز يساعد من في مثل حالة ابنتك في التعبير عن مشاعره ؛ وطلب المساعدة وغير ذلك } وقبل أن تعلق "مريم" تحدث شقيقها متسائلا : { وكيف يعمل هذا الجهاز ؟ وهل هو متوفر هنا ؟ } أجاب الطبيب : { الجهاز عبارة عن مجموعة أزار كبيرة تعبر عن حاجة معينة ؛ كالأكل والشرب ؛ واللعب والنوم ؛ والملل والألم ؛ ولكل زر إضاءة مختلفة وصوت مميز ؛ كما أن الجهاز مرتبط بجرس استدعاء يثبت في غرفة المسئول عن الطفل , وأصعب ما فيه تعويد الطفل عليه ؛ أما عن توفره فعلمي أنه ... } وسكت الطبيب – غضباً – لما لاحظه من انصراف الشقيقين عنه ونظرهما للداخل حيث ترقد ابنتهما ؛ ولم يقطع نظرهما سوى خروج الطاقم الطبي ما عدا ممرضة اتخذت كرسياً ملاصقاً للسرير ؛ وانتبه الاثنين على صوت الطبيب الآخر وهو يقول : { مبروك يا أستاذ ؛ وستبقى الصغيرة تحت الملاحظة مدة 24 ساعة ... فقط لنطمئن على انتهاء الأزمة ؛ ويمكنكم زيارتها غداً } ... { "مريم ؛ مريم" ما بك ؟ } واستفاقت الأخيرة على صوت "أحمد" وقد دخل لغرفة "آلاء" – حاملاً بعض الأكياس - دون أن تنتبه شقيقته لحضوره ؛ ولها كل العذر إذ رحلت بعيداً في عالم التذكر لأحد أصعب المواقف التي مرت بها ؛ فلما رأته قطبت بين حاجبيها وسألته : { منذ متى وأنت هنا ؟ } ؛ فأجاب وابتسامته تكسو وجهه الطفولي : { منذ ساعتين خخخخ ... ما لك تحدقين النظر في جهاز "آلاء" يا له من جهاز أصيل ؛ أظنه أكمل الثلاث سنوات منذ أهداه " صالح " لابنتنا الحلوة ! } لحظتها تحول غضبها اللحظي لحنق واضح وهي تسأله وقد ضغطت على الحروف : { "صالح" من ؟ صديقك المكنى بأبي "خالد" ؟ } أشاح "أحمد" بوجهه وقد أدرك أن لسانه جنا عليه ! ؛ فلما كررت "مريم" السؤال لم يدر ما يقول – وكثيراً ما يقع في نفس المأزق معها – وأخذ يقول بصوت متلعثم :

2010/08/01

سبعة أيام (ملونة)





-      التاريخ / يوم الجمعة : 13/7/2007 م 
الوقت : قبيل التاسعة مساء.
المكان : الدور الأرضي في أحد الأسواق الكبرى.
الحدث : اقتربت "مريم" من المصعد الكهربائي الأنيق ؛ وهي تدفع أبنتها ذات السبعة أعوام في عربتها المخصصة ؛ وما هي إلا ثوان حتى فتح بابه فولجته وكان فارغاً إلا من رجل وزوجته وبرفقتهم ولدهم الصغير ؛ وبنظرة سريعة لاحظت أن الصغير يعاني من "الشفة الأرنبية" ؛ فأخذت تختلس النظر له وهي تتساءل : { أترى من الأشدُ إعاقة ً؛ " آلاء " أم هذا الصغير ؟ } ولم تستفق من خيالاتها إلا على باب المصعد يُفتح ؛ فإذ بالأسرة تخرج ثم وضع الزوج يده أمام الباب ؛ لتتمكن هي من الخروج بيسر وسلاسة , فدفعت عربة ابنتها أمامها وهي تتمتم : { استغفر الله وأتوب إليه } ؛ وبسير أشبه بمن اعتاد الأمر وصلت لمطعم محدد ؛ وطلبت وجبة مخصوصة ولم تنس أن تطلب أخرى لـ "آلاء" ؛ وأخذت وهي تنتظر تجهيز طلبها تسترجع ذكريات خلت ؛ وكأن الأمر ضايقها فانحنت على طفلتها لتعيد ترتيب ملابسها ؛ ثم استلمت عشاءها وقد دفعت القيمة وفوقها زيادة بضعة ريالاتٍ - بنية طلب الشفاء لصغيرتها المسكينة – وبيدها اليسرى حملت الأكياس واتجهت لإحدى الطاولات في زاوية قصية ؛ وبعد أن جلست قرّبت ابنتها من كرسيها ؛ ثم نظرت لعينيها الصغيرتين وبالكاد التقت العيون ببعضها ؛ - فـ "آلاء" مصابة بضمور في المخ لا تسطير وحالتها كذلك على حركاتها ولا أطرافها – وقالت لها بصوت هامس { آلاء : بسم الله الرحمن الرحيم } بعد ذلك أخذت تطعمها برفق ولين ؛ وعلى مهل وبطء ؛ ولما انتهت أخذت من حقيبتها الخضراء منديلاً معطراً ومسحت به يديَّ الصغيرة وشفتيها ؛ ثم شرعت هي في تناول وجبتها وقد بردت أو كادت ؛ فعادت لها الذكريات الأليمة مرة أخرى ؛ تذكرت مولد "آلاء" وما قاله الطبيب المختص ؛ استرجعت وقع الصدمة عليها وردة فعل "سلمان" – طليقها – البشعة على الخبر الأليم ؛ نعم كانت ردة فعله بشعة ولا تليق بأبٍ يفترض أن يكون رحيماً بفلذة كبده و ... تنبهت على صوت همهمة معتادة ؛ فإذ بـ "آلاء" مضطربة ؛ وكأن الصغيرة ملت من المكان بصخبه وإنارته الصفراء ؛ أو ظنت أن أمها الرءوم لهت عنها ؛ وبحركات سريعة لملمت بقايا الأكل وأعادت ترتيب عباءتها وتأكدت - للمرة الثالثة – من هندام صغيرتها ؛ ومضت خارجة ...