- التاريخ / يوم الجمعة : 13/7/2007 م
الوقت : قبيل التاسعة مساء.
المكان : الدور الأرضي في أحد الأسواق الكبرى.
الحدث : اقتربت "مريم" من المصعد الكهربائي الأنيق ؛ وهي تدفع أبنتها ذات السبعة أعوام في عربتها المخصصة ؛ وما هي إلا ثوان حتى فتح بابه فولجته وكان فارغاً إلا من رجل وزوجته وبرفقتهم ولدهم الصغير ؛ وبنظرة سريعة لاحظت أن الصغير يعاني من "الشفة الأرنبية" ؛ فأخذت تختلس النظر له وهي تتساءل : { أترى من الأشدُ إعاقة ً؛ " آلاء " أم هذا الصغير ؟ } ولم تستفق من خيالاتها إلا على باب المصعد يُفتح ؛ فإذ بالأسرة تخرج ثم وضع الزوج يده أمام الباب ؛ لتتمكن هي من الخروج بيسر وسلاسة , فدفعت عربة ابنتها أمامها وهي تتمتم : { استغفر الله وأتوب إليه } ؛ وبسير أشبه بمن اعتاد الأمر وصلت لمطعم محدد ؛ وطلبت وجبة مخصوصة ولم تنس أن تطلب أخرى لـ "آلاء" ؛ وأخذت وهي تنتظر تجهيز طلبها تسترجع ذكريات خلت ؛ وكأن الأمر ضايقها فانحنت على طفلتها لتعيد ترتيب ملابسها ؛ ثم استلمت عشاءها وقد دفعت القيمة وفوقها زيادة بضعة ريالاتٍ - بنية طلب الشفاء لصغيرتها المسكينة – وبيدها اليسرى حملت الأكياس واتجهت لإحدى الطاولات في زاوية قصية ؛ وبعد أن جلست قرّبت ابنتها من كرسيها ؛ ثم نظرت لعينيها الصغيرتين وبالكاد التقت العيون ببعضها ؛ - فـ "آلاء" مصابة بضمور في المخ لا تسطير وحالتها كذلك على حركاتها ولا أطرافها – وقالت لها بصوت هامس { آلاء : بسم الله الرحمن الرحيم } بعد ذلك أخذت تطعمها برفق ولين ؛ وعلى مهل وبطء ؛ ولما انتهت أخذت من حقيبتها الخضراء منديلاً معطراً ومسحت به يديَّ الصغيرة وشفتيها ؛ ثم شرعت هي في تناول وجبتها وقد بردت أو كادت ؛ فعادت لها الذكريات الأليمة مرة أخرى ؛ تذكرت مولد "آلاء" وما قاله الطبيب المختص ؛ استرجعت وقع الصدمة عليها وردة فعل "سلمان" – طليقها – البشعة على الخبر الأليم ؛ نعم كانت ردة فعله بشعة ولا تليق بأبٍ يفترض أن يكون رحيماً بفلذة كبده و ... تنبهت على صوت همهمة معتادة ؛ فإذ بـ "آلاء" مضطربة ؛ وكأن الصغيرة ملت من المكان بصخبه وإنارته الصفراء ؛ أو ظنت أن أمها الرءوم لهت عنها ؛ وبحركات سريعة لملمت بقايا الأكل وأعادت ترتيب عباءتها وتأكدت - للمرة الثالثة – من هندام صغيرتها ؛ ومضت خارجة ...
- التاريخ / يوم الأحد : 15/6/2008 م
الوقت : السادسة والربع مساءً.
المكان : شقة " مريم " الصغيرة.
الحدث : كان "أحمد" أخو "مريم" يتحدث بحماس وهو يتناول قطعة الكعك من يدها ويقول : { صدقيني يا أخية أن " صالح " رجل مناسب ؛ لقد سألت عنه فتأكدت بأنه - بالإضافة لالتزامه - " حلو المعشر ؛ كريماً ؛ طيب القلب ؛ حنوناً ... قاطعته " مريم " : { ما الفرق بين طيبة القلب والحنان ؟ } مسح "أحمد" شفتيه بأصبعيه وكأن السؤال ضايقه وقال : { هكذا هي أنت ؛ تجيدين تغيير الموضوع بأسئلة عجيبة ؛ سأختصر عليك الأمر ؛ "صالح" خطيب من الصعب رفضه ورجل من الأصعب تعويضه والفرصة لا تأتي مرتين ؛ وقد أكد لي مراراً أن "آلاء" بمنزلة أولاده الأربعة وأنه يحلم بموافقتك على طلبه الاقتران بك ؛ فما ردك ؟ } سكتت "مريم" برهة وأغلقت عينيها قليلاً وأجابت قبل أن تفتحهما : { اعتذر له بأسلوب جيد ؛ قل له : بأنها لا تفكر حالياً بالزواج وحتى لا تقاطعني سائلاً إلى متى ؟ دعني أخبرك وأخبره بأن "آلاء" هي دنيتي وراحتي ولن استطيع أن أفرط بهما ولا أظن مخلوقاً سيعوضني عنهما } قاطعها "أحمد" { هما من ؟ } أجابت : { راحتي ودنيتي " آلاء " حبيبتي } وابتسمت ! تردد "أحمد" في التعليق وإن كان قد اتضح على وجهه الغضب ؛ فلم تشأ أخته أن تغضبه وهي موقنة بأنه يبحث عن مصلحتها وينشد راحتها فقالت وهي تشيح النظر تجاهه : { "أحمد" حبيبي ؛ أنا راضية بنصيبي ؛ وقد ملكت علي "ألاء" وقتي وقلبي ؛ وزواجي مرة أخرى يعني إهمالي لزوج المستقبل أو تخليً عن كنزي وجوهرة قلبي ! وهذا الشيء لم ولن اسمح به أبداً ؛ لقد طلبت الطلاق من أبيها وأصررت عليه لما رأيته منه من إهمال لها وقسوة معها ؛ أتعلم أنه لم يكن حتى – والله – يقبلها ! } وهنا ترقرقت عينيها بالدموع وانتحب صوتها ؛ فاضطرب "أحمد" ولم يدر ما يفعل سوى أن يقول وهو يدافع دموعه : { وأين "آلاء" ؟ لقد أحضرت لها لعبة جمـ ... } ورأي أخته تشير لناحية غرفة ليست ببعيدة وقد تساقطت دمعاتها فبللت وجنيتها وهي تغطيهما بيديها ؛ فقفز مسرعاً وهو ينادي : { "آلاء ؛ آلاء" ... أين أنت يا حبيبتي ؟} وكأنه ينتظر منها أن تجيبه وأنى لها أن تفعل ...
- التاريخ / يوم الثلاثاء : 4/3/2003 م
الوقت : الرابعة والثلث عصراً.
المكان : منزل "سلمان" الجديد.
الحدث : "سلمان" يصرخ بانفعال واضح وهو يدلف غرفة النوم و "مريم" من ورائه : { كفى يا امرأة ؛ ألا تمل وتكلي ؟ ألا تعلمي بأنني للتو عدت من عملي الشاق ؟ } لترد عليه "مريم" بهدوء عجيب { نعم أعلم بأنك متعب بعد نهار شاق وعمل مضن ؛ لكن ما عساي أن أفعل و"آلاء" تبكي منذ ساعة كاملة ؛ أأتركها تتألم ؟ أم أستقل وإياها سيارة أجرة تأخذنا لطبيب الأطفال في هذا الجو الحار لأجل أن ينام أبوها ؟ } – وشدت شفتيها وهي تنطق أحرف الكلمة الأخيرة – عقب "سلمان" ساخراً : { وما أدراك بأنها تتألم ! أن بكاءها لم ينقطع منذ ولادتها أي منذ نحو ثلاث سنوات } ردت عليه "مريم" : { جيد أنك تعلم سن ابنتك ؛ لكن تذكر بأني أمها والوحيدة التي تشعر بها } فقال "سلمان" لم أنس بأنك أمها ومترجمتها الخاصة و ... } قاطعته : { هذا أنت ؛ حتى أبنتك الوحيدة تسخر منها ولا ...} قاطعها هو هذه المرة : { أسخر منها ! من يقول ؟ ألست تقولين بأنها عرفت تنطق كلمة "بابا" ؟ و ... } عادت لتقاطعه : { نعم قلتُ واذكر أنك وقتها علقتَ بجملة تموجُ سخرية حين قلتَ : وما ذا بعدُ قالت ؟ } زفر "سلمان" وقد أحمر وجهه ضيقاً وقال وهو يخلع غترته ويبدأ بفتح أزار ثوبه : { لا فائدة ؛ نفس أحكامك المعلبة ضدي ونفس اتهاماتك لي } ؛ قالت وهي تغالبُ أعصابها أن تفورَ - وقد كادت - : { أحكام معلبة ! أتدرك معنى هذه الجملة ومتى تقال ؟ } ضحكَ بسخرية وقد بدا صوته كمن أنهك وقال : { عدنا للفلسفة ؛ سأختصر عليك الأمر ؛ أنا مرهق وسأنام ولما أصحو قد أذهب بابنتك فلا تزعجيني وأغلقي الباب خلفك ! } هنا فقط لم تتمالك "مريم" نفسها فصرخت : { الأمرُ يحتمل قد ! يا رجل اتق ِالله في ابنتك ؛ ألا يكفي أنك حرمت أمها من تكرار الحمل خشية أن يتكرر المرض ! رغم تأكيد الأطباء بأنه يمكن مراقبة الجنين من بداية الحمل ومعرفة إصابته بالمرض الوراثي من عدمه والحد – بقدرة الله – من آثاره } أشار لها بأصبعه وقد استلقى بالفعل على السرير : { هذه أنت اعترفت ِ؛ بأن الأطباء قالوا بأن المرض أشبه بالوراثي رغم تباعد أسرتينا نسباً ؛ ولذلك فلستُ مستعدٌ لتكرارِ التجربةِ وأقسم أن لا أفعلَ } عقدت "مريم" يديها على صدرها وكأنها تحاول السيطرة على كلامها وقالت : { سلمان ؛ لقد فكرت في الأمر ملياً ؛ لن استطيع أن أبقى معك وأرعى في نفس الوقت "آلاء" لأنك ... } فقال لها وقد عاد لصوته سخريته ولم يركز جيداً في كلامها : { إذن دعينا ندخلها مستشفى متخصص ونريح أنفسنا } فهزت رأسها أعلى وأسفل وهي تقول بكل ثبات : { أجل ... لنريح أنفسنا ... لقد آن الأوان لنفعلَ ! } حينها نهَضَ "سلمان" من رقوده وجلس وهو يحدق بعينيه الناعستين وقال : { ما الذي تقصدينه ؟ } أجابته بكل ثبات : { "سلمان" لا تدع ِ الغباء ؛ وطلقني ! } ؛ هبَّ واقفاً وصرخ : { أجننتِ يا "مريم" ؟ } ردت عليه : { بل أنا بكامل قواي العقلية } فلم يعلق لأول وهلة وأخذ ينظر لها ثم قال : { أرجوك ؛ دعي هذا الأفكار الشيطانية ؛ وأعدك بأن أهتم بـ "آلاء" و ... } هزت رأسها علامة النفي ورددت : { لا ؛ لا ؛ لا ؛ لقد انتهى كل شيء وحسمت الأمر فلم أعد أطيق صبراً ولم يعد لي رغبة بك } ... وهنا استفاقت "مريم" من بحر الذكريات على رنين هاتفها الجوال ؛ واسم أخيها "أحمد" يومض على شاشته ..
- التاريخ / يوم الخميس : 21/5/2009 م
الوقت : تمام الحادية عشرة مساءاً.
المكان : مطعم عالمي على ناصية شارع تجاري في قلب المدينة.
الحدث : "هناء" – زوجة أحمد وشبيهته في الطيبة –تقلب بصرها بين زوجها وشقيقته ؛ وهما يتناقشان للمرة الرابعة أو الخامسة – ليست متأكدة – عن فكرة زواج الأخيرة ؛ وكأن النقاش وقت الأكل ضايقها ؛ فأرادت التدخل لتنهيه بظنها وقالت : { اسمح لي يا "مريم" ؛ فـ "أحمد" هذه المرة محق ... } ضحك "أحمد" وهو يقول : { هذه المرة ؛ فقط ! } ألتفتت "هناء" تجاهه وهمّت بتوضيح مقصدها بكل عفوية ؛ إلا أن صوت "مريم" زجرها أن تفعل حين قالت : { "أحمد" إن لم تغلق النقاش في الموضوع ؛ فسأضطر للانصراف ... } فسارع "أحمد" ليوضح موقفه وقال : { حبيبتي – وألتفت هنا تجاه "هناء" وهو يؤشر بأصبعه السبابة علامة النفي فقطبت الأخيرة حاجبيها حتى ليخيل للناظر أنها حنقت من تسمية زوجها لغيرها بـحبيبته – لكنه واصل حدثيه قائلاً : { إن لنفسك عليك حق ؛ وما مضى لا يعود ؛ وقد كبرت "آلاء" دون تقدم واضح علاوة على أن المربية "أم علي" ترعاها كما لو كانت أبنتها } رددت "مريم" بسخرية ظاهرة : { هه دون تقدم واضح – وهزت كتفيها – و "أمينة" ترعاها ! } وعم الصمت لثوان ٍ ثقيلة ؛ قبل أن يقطعه صوت "هناء" وهي تكاد تهمس قائلة : { "مريم" تعلمين شدة حرص "أحمد" على مستقبلك ؛ وأن التفكير فيك وبابنتك يشغل فكره ؛ ولو يكن متأكداً من كون "صالح" الزوج المناسب لك والأب الصالح لأبنتك لما أصر عليك بقبول طلبه وكرر عليك الكلام في نفس الموضوع ؛ هل أقسم لك أنه يكرر اسميكما – "أنت وآلاء" – في أثناء نومنا ؟ " تبسمت "مريم" - رغم ضيقها الواضح من الموضوع – لطيبة زوجة شقيقها التي لم تجد تعبيراً أحسن من كلمة ( نومنا ) ؛ وأمسكت بيد "هناء" اليسرى وبيد "أحمد" اليمنى وقالت : { الله لا يحرمني منكما ولا من "آلاء" ؛ صدقاني لست أجد بنفسي الرغبة في الزواج ؛ و "صالح" كما علمت منك يا "أحمد" رجل نادر ؛ فلا أود أن أظلمه حين يقترن بامرأة غير مستعدة لتلبية طلباته وتربية أولاده ؛ ثم – وهذا الأهم – أن جوهرتي لم يهتم فيها أبوها فهل سيفعل ذلك الغريب ؟ } ثم أكملت حديثها دون أن تدع الفرصة لهما لمقاطعتها : { ربي أكرمني بـ "آلاء" التي صارت شغلي الشاغل ؛ خصوصاً وقد بدأت – وليس كما يزعم "أحمد" فأحمر وجه الأخير خجلاً – بدأت ... تعبر عن شعورها بصورة مفهومة – لي على الأقل ؛ فما تريده تهزه رأسها عند ذكره بشكل بطيء ؛ وما ترفضه تطوح بيدها في الهواء بمعنى أنها ترفضه ؛ كما أجادت بكل براعة التعامل مع جهازها الخاص , أتعلمان ... لما أكملت ( صغيرتي ) سن التاسعة قررتُ أن تصبح صديقتي ؛ وصرت أحدثها عما يصادفني في عملي ؛ وأسمعها – كل يوم - ذكريات جميلة لي عندما كنت في مثل سنها ؛ كما أنني أقص عليها وقت نومها قصص جدتي – رحمها الله – واعتادت هي أن أفعل ؛ فصارت تبكي عند تأخري في فعل ذلك ! ... آه صحيح ؛ - قبل أن أنسى - أتذكر وعدك لي يا "أحمد" بأن يكون عشاء الليلة على حسابي الخاص ؟ } عند ذلك نظر "أحمد" و "هناء" تجاه بعضهما ويديهما ما زالت في يديَّ "مريم" وكأن لسان حالهما يقول : { لا فائدة ؛ "آلاء" قد تملكت شغاف قلب "مريم" حتى لم تعد تفكر بنفسها ! } ولذلك فلا يُستغرب أن خيم الصمت على المكان ولدقائق طويلة حتى انتهوا – ثلاثتهم – من تناول العشاء ...
- التاريخ / يوم الأربعاء : 12/8/2009 م
الوقت : الثامنة والنصف مساءاً.
المكان : شقة " مريم " الصغيرة.
- الحدث : تحلقت صويحبات "مريم" من حولها وهن يستمعن لحديثها العذب – كعادتها وعادتهن – وكانت "وفاء" بالذات تطيل النظر لها وهي تحدث نفسها { كم أغبطك يا "مريم" فرغم ألمك تأسرنا ابتسامتك ! وعلى كبر همك تشيعين الأمل والفأل على من حولك ! } كانت "مريم" تقص عليهن - مسترسلة - نبذاً من شقاوتها وطرفاً من نوادرها فلا يقاطعها سوى ضحكاتهن وقد علت ؛ وكانت "نادية" الأكثر ضحكاً من بينهن وربما لحلاوة روحها دور في ذلك ؛ وعاد التعجب لـ "وفاء" وربما تحول في هذه اللحظة لأسى ؛ حين تساءلت : { إلى متى يا "مريم" تنسين نفسك ؛ وحتى متى تهملين حالك ؛ وقد غدوت كالوردة التي مصيرها – ولا محالة – للذبول ؛ ما لم تجد عناية ورعاية من بستانيٍّ حان ٍ؟ } وهنا رنَّ جرس الهاتف فنهضت "مريم" مسرعة لترد ؛ وخطت خطوات عجلى وهي تنظر لساعاتها ؛ وسمعتها "وفاء" تقول لمحدثها : { ... حسنٌ جداً ؛ أنهيت كل الإجراءات ؛ ومتى بوسعي أن استلم الأوراق ؟ ... أممم أسبوعين ! ؛ لا بأس ... شكراً لك أستاذ "يوسف" ألف شكر وآمل أن ترسل من يستلم الشيك الخاص بأتعابك ... } وبعد إنهاءها للمكالمة عادت بخطوات واثقة واتخذت مكانها الأول ؛ وابتسمت وهي تقول : { أين وصلنا ؟ } ولما همت "نادية" بالإجابة ؛ سألتها "نورة" – وهي أكبرهن سناً وأكثرهن حكمة وتجربة - : { من بعد إذنك ؛ هل المتصل هو "يوسف" المحامي , صديق زوجي – رحمه الله - ؟ } أجابتها "مريم" وما زالت ابتسامتها تعلو وجهها : { أي نعم ؛ ولا تدرين كم دعوت لك فقد كفيتيني مؤنة البحث عن محام حاذق وأمين ؛ لقد أنهى الأمر في أقل من أسبوع ويقول بأن الأوراق سأستلمها خلال أسبوعين } عقبت "نورة" : { لا شيء من واجبك ؛ ثم أن "آلاء" ابنتي كما هي ابنتك } وهذه المرة تداخلت معهن "نادية" وسألت : { محام ٍ وأوراق وأتعاب و"آلاء" أميرتنا الصغيرة ... ما الأمر ؟ } شبكت "مريم" بين أصابعها وقالت : { أبداً ؛ لقد قررت كتابة نصيبي في محل والدي – رحمه الله - باسم "جوهرتي" وتبرعت برعاية خمسة أيتام لمدة عشر سنوات وأرسلت أوراق وتقارير "آلاء" لمستشفىً متخصص في ألمانيا } فضحكت "نادية" وهي تقول : { كل هذا ونحن آخر من يعلم ؟ } ولم يرق ضحكها لـ "وفاء" وهي تسأل : { أما التبرع وطلب العلاج فمفهوم ؛ لكن ... لمَ وهبت نصيبك في محل والدك لابنتك ؛ خاصة ًونحن نعلم بأن شريكك هو أخوك "أحمد" } فأجباتها "مريم" باختصار مؤلم : { سوى الله ؛ لا أريدها أن تحتاج أحداً من خلقه } اتسعت عينا "نورة" و "وفاء" , وبدت "نادية" لم تفهم أو أنها لم تركز لانشغالها بقراءة رسالة جوال يبدو أنها من زوجها العصبي "عبد الرحمن" , وكان أول من قطع حبل الصمت – الغير معتاد في اجتماعهن الدوري – هي "مريم" نفسها ؛ إذ نهضت لتعيد ملأ أكواب القهوة وعلت وجنتيها حمرة خفيفة وهي تقول : { اعتذر منكن ؛ لقد أنساني الاتصال واجب الضيافة } فعلقت "وفاء" : { لا عليك ؛ فنحن صاحبات دار ؛ لكن ... فسري لنا سر مقولتك الأخيرة وحتى لا تتساءلي عن أي مقولة أتحدث - وتغيري الموضوع وأنت خير من يجيد ذلك – سأكررها لك : " سوى الله ؛ لا أريدها أن تحتاج أحداً من خلقه " ؟ } علقت "مريم" وهي تمد يدها بكوب القهوة الساخن لـ "وفاء" : { عبارتي واضحة ؛ فالأعمار بيد الله ؛ وأريد أن أوفر لـ "أميرتي" حياة كريمة ؛ ولا يعلم المرء ما يحدث له غداً } فغرت "نادية" فاها وقد سمعت العبارة ولم تدر ما قبلها ؛ في حين بادرت "نورة" لتقول : { حبيبتي : أطال الله في عمرك ؛ ما أعلمه أنك مؤمنة بالله سبحانه وبرحمته جل وعلا ؛ ثم أن أخوك "أحمد" يحبها كابنته "رند" تماماً و ... } صرخت "نادية" كمحاولة منها – فاشلة – لتؤكد تركيزها في حديثهن : { "مريم" لا تنسي أن لـ "آلاء" والد ميسور الحـ ... } ولم تكمل جملتها لما رأته من نظرة ثنائية موبخة من "نورة" و "وفاء" ولآن "مريم" نفسها توقفت في مكانها وقد اختفت ابتسامتها جميلة وحل محلها نظرة تعجب مشوبة بألم وهمست بصوت خافت كمن يحادث نفسه { نعم ؛ يجب أن لا أنسى أن لـ "غاليتي" والدٌ لم يكد يطلق أمها حتى تزوج وهاجر ! ؛ والدٌ كان يستغرب شرائي لفستان أول عيد لها ؛ ويبرر استغرابه بتبرير غبي ؛ أنها معاقة ولا تعي ! ... } ولحسن الحظ انتهى الموقف قبل أن يتطور ويفسد سهرتهن الماتعة ؛ حين سمعن الخادمة تخبرهن أن العشاء جاهز ...
9 التعليقات:
يا الله..
القصة آسرة.. ومحفزة..
ومضمونها قوي.. ومبكي صراحة..
فلم لم تكمل !!؟؟
على فكرة..
قهرتني مريم يوم كتبت الأملاك لالآء!!.. ليه
لو ماتت آلاء يرثها ابوها البشع... :(
ننتظر التتمة..
- الكريمة " مراجل أنثى "
... شكراً لحضوركم ؛ وممتن لمقولكم ؛ أما جواب سؤالكم عن تتمة القصة فتجديها في الجزء الثاني الموسوم بالرقم //2// أعلاه ...
- شكراً مرة أخرى ؛ وحياكم الله ؛ ودمتم ومن تحبون بألف خير.
معليش ياخوي.. :)
العتب على العجلة التي بليت بها ..
أعود للجزء الثاني - ان شاء الله - بعد فراغي من من شغل البيت :)
لكم شكري.. بل امتناني
- " مراجل أنثى "
- لا تثريب عليك يا أخية ...
- وحياكم الله.
الغالي سعود رعاك الله
قرأت القصه.....رائعة ....مشاااااعر ترجمتها العبراااات فالنظرة الضييييييييقة من بعض الآباء
بأن المعاق...بلا مشاعر ..بلا احساس...
أب منزوع الرحمة :(أنها معاقة ولا تعي !)
يا الله تتمنى في بعض الأوقات أن بعض اللألسن تُخرس قبل أن تنطق....
سأمسح دمعااااتي ....وأكمل الجزء الثاني
أخي سعود
أنت رائعة ....نثرا ورواية....ولا أشك أن الشعر
يعشقك
أخوك طفل النبع
- " طفل النبع " أخي وحبيبي ؛ شرفني مروركم ؛ وقد كنت أترقبه - بصراحة - ...
- من بعد الإذن فقد حذفت ردكم الثاني ؛ فبلاغتكم غنية عن أي توضيح ...
- أنتظر إتمامكم قراءة قصة الأيام السبعة الملونة ؛ لأسعد برأيكم حيال العمل ككل ...
- حياكم الله وبياكم.
سخيفهـ~^.^ وهذه هي الصرآحه
" غير معرف "
احترم رأيك ؛ ولا يستدعي الأمر إضافة أن رأيك هو الصراحة ؛ إذ أنه المفترض فيه ؛ فلا مجاملة هنا.
ولذلك ؛ فلن أدعوك لقراءة الجزء الثاني ؛ فرأيك قد وضح ولن أنتظر - منك - خلافه.
وأهلاً بك.
إرسال تعليق