تسارعت نبضات قلب (ثامر) ؛ وتقطعت أنفاسه ؛ وترددت في ممرات الكلية وقع خطواته ؛ وأخذ يكرر النظر في ساعته (الفضية) ؛ وهو يحث الخطى بغية اللحاق بالمحاضرة ؛ فهو يعلم كم يكرهه الدكتور (سمير) – دكتور اللغة والأدب - ؛ بل أن (الكره) تعبير صغير عما يشعر به تجاهه ؛ وهاهي فرصته الذهبية في (الإيقاع به) ! فمن سيجرؤ على لوم دكتور ٍ فاضل ٍ بسبب حرمانه لطالب مهمل تجاوز الحد المسموح به في الغياب !
– هو وحده يعلم سر حقده عليه ؛ ولكن ما ذنبه إن كان قد ولد وفي فمه ملعقة من ذهب ! – وبينما (ثامر) مستغرق في تخيلاته لمح في آخر الممر الدكتور (محمد) وهو يدلف إلى القاعة , فجعل يتساءل ما الذي جاء به يا ترى ؟! وما كاد يصل إلى القاعة حتى تذكر أن اليوم هو يوم الأحد وليس الإثنين كما كان يظن ! فاندفع إلى القاعة - داخلاً فيها – من الباب الخلفي وقد ضغط بأسنانه على شفته حتى كاد يدميها من شدة الغيظ , وأنفاسه اللاهثة تتردد في المكان.
وما إن استقر جالساً في وسط القاعة حتى سمع صوتاً أجشاً آتياً من آخرها يقول بسخرية شديدة : " تو الناس ! " فتبين به صوت (سعد) ذلك الشاب القذر البليد الفظ , ثم أعقبت ذلك ضحكات مكتومة منبعثة من خلفه مباشرة , بعدها وصل إلى مسامعه صوت ذلك الغوريلا يهمس – إن كان من هو مثله يهمس – : " يا أخي على إيش شايف نفسك ! " فازدادت الضحكات وازداد غيظه , ولم يكد يفكر في سر هذه التعليقات حتى سمعه ثانية يقول " مسوي فيها عاقل ! خلينا ساكتين أحسن ! " فأرتج عليه وألتفت بحركة لا إرادية تجاه (سعد) وقد انتفضت أعضاؤه وأخذ يساءل نفسه : أيعقل أن يكون ذلك المهرج قد رآه بالأمس ؟ لا , لا يمكن , إنه متأكد تماماُ بأن الشارع كان خالياً إلا من سيارة الفتاة وسيارة أجرة و ... نعم ... كانت هناك سيارة (وليد) زميلهم في القاعة , يا له من أحمق ؛ كيف نسي بهذه السرعة أن (وليد) هو من أعانه على النهوض عند سقوطه في وسط الشارع ؟ وألم رجله المنى المتعثرة بتلك الماسورة ما زال حاداً !؟ ولكن هل يعقل أن يكون الأخير قد أبلغ ذلك المعتوه ؟ من يدري ربما !
وما إن استقر جالساً في وسط القاعة حتى سمع صوتاً أجشاً آتياً من آخرها يقول بسخرية شديدة : " تو الناس ! " فتبين به صوت (سعد) ذلك الشاب القذر البليد الفظ , ثم أعقبت ذلك ضحكات مكتومة منبعثة من خلفه مباشرة , بعدها وصل إلى مسامعه صوت ذلك الغوريلا يهمس – إن كان من هو مثله يهمس – : " يا أخي على إيش شايف نفسك ! " فازدادت الضحكات وازداد غيظه , ولم يكد يفكر في سر هذه التعليقات حتى سمعه ثانية يقول " مسوي فيها عاقل ! خلينا ساكتين أحسن ! " فأرتج عليه وألتفت بحركة لا إرادية تجاه (سعد) وقد انتفضت أعضاؤه وأخذ يساءل نفسه : أيعقل أن يكون ذلك المهرج قد رآه بالأمس ؟ لا , لا يمكن , إنه متأكد تماماُ بأن الشارع كان خالياً إلا من سيارة الفتاة وسيارة أجرة و ... نعم ... كانت هناك سيارة (وليد) زميلهم في القاعة , يا له من أحمق ؛ كيف نسي بهذه السرعة أن (وليد) هو من أعانه على النهوض عند سقوطه في وسط الشارع ؟ وألم رجله المنى المتعثرة بتلك الماسورة ما زال حاداً !؟ ولكن هل يعقل أن يكون الأخير قد أبلغ ذلك المعتوه ؟ من يدري ربما !
بعدها أخرج (ثامر) قلمه محاولاً الانشغال عن هؤلاء الأغبياء بمتابعة الدكتور وما كاد يفعل حتى سمع (سعداً) يقول بصوتٍ كالفحيح : " يا خوي خلي الدراسة لأهلها ! " ... ماذا ؟! أيعتقد نفسه أهلاً للدراسة ومن هم في مثل سنه قد مضى على تخرجهم سنين عدة !! ثم كيف يسمح لنفسه بأن يقارنها بـ (ثامر) ذلك الفتى الألمعي ؟! لابد أن يلقنه درساً في الأدب ؛ فمثل هؤلاء لا يفقهون شيئاً إلا بهذه الطريقة , وطفق (ثامر) يضع خطة للهجوم على هذا الثور , وتظاهر بأنه منشغل بمتابعة الدرس , وقد قرر أن يستغل عنصر المفاجأة بأن يندفع ناحيته فور انتهاء المحاضرة فيلكمه بيسراه على وجهه , ثم يتبعها بضربة من عقاله بيمينه وبعدها يتكفل بقية الطلبة بالتفريق بينهما ؛ وبذلك يحقق مراده بالانتقام لنفسه واسترداد كرامته من جهة ؛ وحماية نفسه من ذلك الثور بتدخل الطلبة من جهة أخرى.
وعندما وصل إلى هذه النقطة أخذ يعد الدقائق ويكرر النظر في ساعته منتظراً ساعة الصفر وقد ازدادت التعليقات والضحكات حتى كاد ينفجر وهو يمني نفسه بقرب وضع حدٍ لتصرفات ذلك "القرد".
وما أن دقت ساعة الصفر وخرج الدكتور (محمد) من القاعة حتى أندفع كالسهم ناحية (سعد) الذي ارتسمت أبشع آيات الرعب والمفاجأة على وجهه , وقد أرتج عليه فارتطم بالجدار الخلفي للقاعة بكل قوة , وهو لا يدري ما خطب (ثامر) الذي لم يكد يبصر (سعداً) وقد تدلت سماعة الهاتف الجوال من أذنه حتى اضطرب اضطراباً شديداًَ مما تسبب في سقوطه على وجهه بعد اصطدامه بأحد المقاعد فانفجرت القاعة كلها بضحكات هائلة , وقد أدرك المسكين أن ذلك اليوم هو حقاً (يوم من نوع آخر) !.
* //شتات قلم لخطوات أولى متعثرة //عام 1423هـ تقريباً أثناء الدراسات العليا
5 التعليقات:
بعد التحية ... فما نشر أعلاه ؛ أقصوصة بسيطة ؛ كتبتها وقتما كان القلم مشتتاً ؛ أتمنى أن تروق لمن يمر عليها ؛ وأدمحوا يا أحبة زلاتنا وما أكثرها ؛ وحياكم ...
مساء العطر أستاذ سعود
وماأجمل الذكريات وإن كنت أعيب على الرجال إستخدام القوة كـ أبسط تعبير عند الغضب ..ولكنها تبدو وسيلة لإنقاذ النفس والثأر للكرامة "
ربما هي هكذا في العالم الذكوري ^^
أتعلم أستاذ سعود للأسف اليوم في الجامعة أشاهد معارك أنثوية كتلك التي كانت مقتصرة على الرجال أعتذر للخروج عن نصك لكنه للأسف واقع مرر قليلاً ..
أما بالنسبة لأقصوصتك تبقى جميلة بذكراها فلا نملك أجمل من الذكريات أياً كان وضعها أو حتى مرارتها فهي تعني جزء من حياتنا ..
لروحك عطر الغاردينيا
reemaas
مرحباً بالمبدعة " ريما س "
أأفشي لك سراً ؛ لم أرد أن تمر على هذه الأقصوصة ؛ لكونها من خطواتي الأولى بالاستناد على القلم ؛ ووالله أنني منذ سويعات أقدم رجلاً وأؤخر أخرى في حذفها من خانة " جديد " أعلاه ...
وأن تكرمت فأنني أسعد بمرورك على تدوينات " دموع باردة " و " 5 دقائق " و " شتات هوية " لقربهن لنفسي ؛ وأكثر ...
أيا " ريما س " ممتن لحضورك وحياكم الله.
تقديري وودي.
مساء العطر أستاذ سعود
اولاً ممتنة جداً لدعوتك لي لقراءة روائعك أجزم أنها رائعة قبل دخولي عليها أما بالنسبة لنصك أعلاه لم أجد فيه مايعيب قلمك أنا مثلاً مجموعتي القصصية التي قمت بنشر إحداها في مدونتك للأسف قديمة منذ كنت في ثاني ثانوي أي قبل قبل أربع سنوات وعلى الرغم من خجلي لأنها قديمة وأجدها تفتقر لأسلوب القصة المشوق الا أنني وجدت أنه يحق لها أن تكون بين قصاصتي في نافذة حلم تبقى جزء مني مهما كانت بساطتها كماأنني بصدد نشر قديمي اياً كان هذا سرأفشيته أنا ايضاً :)
كن فخوراً أستاذي بكل ماتكتب ولاتقدم رجلاً وتؤخر أخرى بل أترك وقع قدمك او بالاصح حرفك هنا في ركنك الصغير الراقي "
والان سـ أنطلق في جولتي بين روائعك من جديد
ممتنة أنا أيضاً لحرفك وفكرك الجميل
لروحك عطر الغاردينيا
reemaas
الأستاذة " ريما س " :
هاقد عدت من سفرت ؛ وكم سعدت عندما إلتقت عيناي بحرفكم ؛ بل عطاياكم ومنحكم ؛ فلقد أضفيتم على أخيكم ما يتسع عليه ؛ ويحمله هماً يدعو الله أن يكون يعينه عليه ؛ أن أظل محافظاً على حسن ظنكم ؛ لأنال إعجاب فكركم ؛ واستحسان ذائقتكم ...
رأيكم هنا وصل ؛ ونصيحتكم بلغتني ؛ وللعلم فكل خطواتي الأولى موجودة الآن في تصنيف " شتات قلم " ؛ ما لم تتذكر ذاكرتي الجيدة بحمد الله ؛ خطوة لم أنشرها بعد ؛ وإن كنت استبعد ذلك تماماً ...
أختي الكريمة ؛ شرفني حضوركم ؛ ومرحباً دوماً بكم.
تقديري واحترامي.
إرسال تعليق