2010/03/01

العــــــاصــــــفــــــة ‏(1)‏




بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... تحية طيبة وبعد :

فهنا أدون كليمات ؛ تسابقت مني دون تمحيص أو تدقيق ؛ اكتبها كما جاءت , وحبرها تجربتي , ومدادها رؤيتي , وقد آثرت فيما أدونه تغليب الجانب العقلي , والتجربة العملية ؛ مع جليل احترامي وتقديسي للجانب الديني ؛ لكنني آثرت البعد عن الخوض فيه لوضوحه وجلاء صورته.

فأقول : خُلق الإنسان منا على صنفين اثنين ؛ وزوجين مختلفين , بداية من الشكل والمظهر , وانتهاء بالعاطفة والشعور , وما ذاك كله إلا لينجذب كل طرف للآخر فيحصل التزواج ويستمر التناسل ؛ وتعمر الأرض ويعبد الله وحده لا شريك له.

وقد جعل الله سبحانه الآهواء مختلفة والأمزجة متضادة والطباع متباعدة ؛ وإلا لكنا على صورة واحدة وهيئة متشابهة ولأدي لضياع الحقوق وفقد الهوية وبوار السلع بل ووقف الزمن عند نقطة واحدة دون تغيير او اختلاف.

يولد الرجل منا فينجذب بفطرته وغريزته
لأنثى يشبع فيها رغبته وينجب منها ذريته ويؤنس وحشته ويشعر برجولته , وكل ما يفكر فيه : أن تكون له وحده ؛ كغريزة أساسية تدعى /حب التملك/ , لكنه ولحكم لا يعلمها إلا الله لا يكتفي في الغالب بواحدة بل لفرط أنانيته يحلم أن كل النساء زوجاته ويتمنى أن يخلو العالم إلا منه ومن نسائه.

وقد تنوعت أسباب محبة الرجل لأنثى معينة ؛ جمال أم دين ام حسب أم مال تنفرد واحدة أو تجتمع الأربع فلكل هواه وعشقه ... وحتى هذه الأربع ليست إلا قاعدة رئيسية لتلك المحبة ؛ ويندرج تحتها أسباب صغرى يمكن لحقوها بتلك الأربع الواردة في النص الشرعي.

كما أن هنالك من الرجال والنساء من يُغرم - من قبل لقيا شطره الآخر - بصفة معينة كجمال الجسد أو خلق حسن كالرقة والدلع ؛ فيبحث عنها حتى يجدها ومنهم من يكتفي بما وجده
من صفات حسنة وطبائع جميلة ؛ ومنهم من يطلب المزيد ولا يملأ عينه سوى التراب ؛ والأعجب أن تجد من يتزوج من نصفه الآخر ثم يجد صفة أو طبعاً لم يكن يدركه ؛ فيهيم به عشقاَ ويذوب فيه صبابة ؛ وقد اشتهر أن الفارس /نمر بن عدوان/ تزوج من /وضحى/ ولم يكن يعرفها بل خطبه أبوها له فلما رآها ليلة الزواج /قصيرة ممتلئة / صد عنها وأراد الخروج ؛ فامسكت بيده وقالت : يا ابن الأجواد إن خرجت الآن لقال الناس وجد فيها كذا وكذا فأستر على محارم الله , وفارقني بعد أسبوعين ... فرضخ لمقولتها واستمع لرجولته وشهامته ... وسبحان الله هام بها حباً حتى أنه تزوج بعدها نساء كثيرة لم يملأن عينه كما فعلت ... وقال بعض الرواة أن ما فتنه منها /جمال روحها وحسن تربيتها ودقة خصرها/ ... حتى قيل " هذا بلا أبوك يا عقاب ".
كما يقال بأن الحجاج خطب يوماً فقال : " من تزوج قصيرة ولم تعجبه فعليّ صداقها " ويذكر المؤرخين أن زواجات الحجاج كانت من نساء قصيرات القامة.
كما أن الحسن رضوان الله عليه اشتهر بأنه مزواج مطلاق ؛ حتى خطب علي كرم الله وجهه بأهل الكوفة فقال : " يا أهل الكوفة إن ابني هذا مزواج مطلاق فمن أنكحه موليته فلا يلومن إلا نفسه ".

نعم لنصدق ذلك , كما صدقنا أن فلان تزوج بامرأة أخرى طلباً للذرية - وقد كانت زوجته عاقراً - فلنصدق أن غيره بحث عن جمال وجه أو كثرة دلع أو رقة لفظ أو كثير مال سواء وجد ذلك في زوجته أو لم يجده - لأنه سيجد مبرراً غيره ولا شك - كما أن البعض يفارق شطره بعذر أنه ما وجد ما نكحه لأجله ... بأعذار شتى ومسوغات كثر حتى سمعنا سبب : " لم نستطع التفاهم ".

وربما يفتن البعض منا فيرى أشياء لم يكن يراها ؛ وهذا يحصل لمن فتح على نفسه الأبواب وترك للشيطان وسيلة أن يتخاطب معه ؛ وإلا فالأصل أن المحب لشطره يراه على أكمل صورة وأجمل وصف ؛ إلا أنه لما سمح للشيطان استدرجه الأخير بمزالقه وزين له من تحرم عليه ... فلقاء ثم ابتسامة ثم كلمة ثم اجتماع ولو بالمراسلة ثم ...

ولأكن صادقاً فالرجل يجيد اختلاق الأسباب والأعذار وجماع ذلك كله عذر " الشرع أباح لي أربع نساء " ولو كان صادقاً لما كان زواجه الأول بتلك الصورة النمطية ولبحث عمن يحادثها ويضاحكها ليعرف كل منهما الآخر , كما أن الرجل يرفض - في الغالب - الاعتراف بخطئه بالقول ؛ ويعمد مقابل ذلك بأن يتوب عن غيه ويثوب لرشده ويعوض زوجته بما أجرم به في حقها وحق نفسه وأسرته ...

وعلى الطرف الآخر ... قد يكون بداية الموضوع وأول التعارف , خدمة يقدمها أو معروف يسديه أو سؤال يجيبه ؛ أو أو أو ... فإذا استمر الحوار وتطور الكلام حضر الخضوع بالقول وهنا مكمن المشكلة وربي.

يأتي الشيطان فيزين الكلمة ويحلي الطرفة ويجمل العبارة ويقرب النفس ويمني القلب ويأسر الروح بذلك الغريب ومنه وإليه ... فكلمة أحبك تصبح قيداً يأسر القلب لأنها أتت ممن لا تحل له , وجملة ما احظ زوجك بك تكون كأكسير الحياة لنفسه المحبطة وروحه المشتتة وقلبه المريض ... بل تكون شرارة في بدء تصدع جسر عشقه بشطره وربما تطور الصدع لزلزال مدمر...

وهبت بذاك { العاصفة }.



يتبع ...


// شتات فكر //

2 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق