2010/03/15

العــــــاصــــــفــــــة ‏‏(2)‏‏




نعم هبت تلك { العاصفة } هبت وبكل عنف لتهدد استقرار منزل صغير آمن , كان حري به أن يكون نواة أسرة صالحة ُتخرج أولاداً صالحين نافعين مثمرين لدينهم وبلدهم ... لكن - وآه من لكن هذه - لم تترك تلك المدمرة فرصة لهم ... إلا أن يتولاهم الله - أجمعين - برحمته ...

والمؤلم أشد الألم أن من أتى بهذه { العاصفة } أحد عاشقين اثنين تسبب في جرح - قد لا يبرى لشطر قلبه - كما أن العجيب أن يكون مصدر تلك { العاصفة } أمر كان ينظر له أحد توأمي الروح بأنه تافه أو عيب أو لايجوز ...

مهلاً ... لنعد إلى الوراء قليلاً قبيل بدء تلك { العاصفة } لعلنا ندرك ولو شيئاً بسيطاً من مسبباتها أو نسلط جزءاً يسيراً من الضوء على دوافعها ؛ بغية العمل على الحد - ما أمكن - من أضرارها أو - ومن يدري - إنهائها وكأن لم تكن ...
وعودتنا ستقف عند نقطة إلتقاء أحد شطري القلب بالجنس الآخر ... حين يتلقيه هكذا في زمان ومكان غير محددين فيتجاذبان أطراف الحديث - ولو كانت بضع كليمات أو استشارة أو شكوى بل وحتى طلب فتيا - والذي يكوّن شرارة لا تكاد ُترى لنيران تلكم { العاصفة } ...

ولنكن موضوعيين - وصادقين مع أنفسنا قبل الغير - فأننا لن نستطيع إحصاء دوافع ولا مسببات { العاصفة } وقد قالت العرب " إنما يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق " فمن تلك الأسباب " ضعف دين , فساد خلق , قلة حياء , طاعة هوى , وسوسة شيطان , إلحاح فضول , ملل قلب , تقصير شريك , إغواء رفيقة , عهر زميلة , نفوذ تجربة " ...

ولو تمعنت في كل سبب أعلاه لوجدته أصلاً يحوي فروعاً كثيرة يستحيل تعدادها ...

وأما الدوافع - وهي تختلف عن الأسباب اختلافاً جذرياً - فهي أيضاَ كثيرة ومنها " رغبة زواج , نشدة أجر , شهامة فارس , نخوة رجل , متعة حرام , تزيين شيطان , انتقام مجرم , تسديد دين "

ولعل من أبرز من خلق تلك البيئة الخصبة لنشأة هذه
{ العاصفة } شبكة الإنترنت ... ذلكم العالم الافتراضي ... الذي سهل الالتقاء ... واختصر المسافات ... وعجّل التواصل ... وألبس الأقنعة ؛ وهذه الأخيرة - بزعمي - أخطرهن ؛ إذ بوسع كل طرف لبس ما يحلو له من لباس وانتقاء ما راق له من رداء ... فيظهر بمظهر لا يوحي أبداً بحقيقته ؛ من إدعاء تدين , وتقمص حياء , واختلاق محبة , وإظهار مرح , واختلاس أدب , وإبداء نخوة , وانتهاب معرفة , وإبراز جاه أو ثروة.

... تبدأ العلاقة - كما مرّ معنا - بلقاء قد يكون عابراً , ويغلب عليه الرسمية والجدية , بدافع ٍ قد يكون - من أحد الطرفين على الأقل - مطلوباً أو مباحاً ... فلما يتكرر اللقاء , وتزداد المعرفة , وتسقط الكلفة , يبدأ الإحساس بوجود الخطأ أو الذنب يقل لكثرة الملامسة ... ولا يفرق هنا - والواقع يشهد - كون الملامسة أتت عبر الاتصال النصي أو الصوتي وغيره ... المهم أن كل من الطرفين قد أعتاد على الآخر , فيأنس برؤيته ويحزن لغيابه ويتأثر بمصابه وربما يُجن برحيله أو ابتعاده
وهنا فقط ... يثقب أول ثقب في جدار عشقه الحلال , ويسقط أول لبنة في منزل الأحلام , وعميت عيونه - ويا لتعاسته - فيظن أنه يبني قصراً مجيداً محاطاً بالمنى والآمال ...

ولذاك ... لم يرى أولى ضربات

تلك { العاصفة }.

يتبع ...


// شتات فكر //

0 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق