2010/04/01

وصفة ‏{ التاءات الخمس }‏





بسم الله الرحمن الرحيم

1431/2/1هـ
وصفة طبية :

اسم المريض / ( إحداهن ) ...
التشخيص / ( جرح قلب ) ...
الوصفة / ( التاءات الخمس ) ...
الجرعة / ( ما تبلغه همتك ) ...
المدة / ( كلما طالت .. طابت ) ...


س / هاهو ( نصف قلبي ) ... قد تغير !
نعم ... وأيم الله ... قد تغير !
وما علامتي التعجب أعلاه ...
إلا محاولة فاشلة مني
لأصف وقع الأمر عليَّ ...

وقد جئت إليك أيا طبيبي ...

طالبة التشخيص الدقيق لمرضي ...
ومتلمسة العلاج الناجع لحالتي ...

فقلي بربك ... مما أعاني ؟
وكيف السبيل لراحتي ... وعلاج قلبي ؟

ج / ... بسم الله ... والحمد لله ... والصلاة والسلام على خير خلق الله ... وعلى آله وصحبه ومن والاه ...

وبعد :

فهذه وصفة طبية صرفها غير طبيب !
نعم أقول ذلك وأصر عليه ...
لكنه - وهذا مما يُدهش - يراهن عليها ...
وحسبي : ثقتك واجتهادي ...
فما أخيكِ إلا ملوحٌ بأني :


الدهر أدبني , والصبر رباني ** والقوت أقنعني , واليأس أغناني
وحنكتني من الأيام تجربةً ** حتى نهيتُ الذي قد كان ينهاني

وأعلم أنني ... رجع لصداك ...
وأنكِ تتمثلين قول الحكيم :

شاور سواك إذا نابتك نائبة ** يوماً وإن كنت من أهل المشوراتِ
فالعين تنظر منها ما دنا ونأى ** ولا ترى نفسها إلا بمرآةِ

وحيث وعيتِ يا أخية ما سبق ...
فإن وصفتي - إن تفضلت بقبولها -
تقوم على { تاءات خمس }
وليس أكثر ...

وأزعم أنها تخالف جميع ما سبقها من وصفات ...
فليس لها مدد محددة ... ولا جرعة مقدرة ...

بل على العكس !
كلما زدت منها ... تسارع علاجك ...
وقويت مناعتك ... ورأيت الشفاء بأوضح صوره ...

ومهما أطلت باستخدامها ... لن تري ِ إلا كل طيب ...
ولن يغمك هم قديم ... أو جرح جديد ...
بإذن ربي وكرمه ...

وباختصار ...
وصفتي تتلخص بـ { خمس تاءاتٍ }
هي :



1- تيقني :

بأن معيار السعادة الحقة تتجسد في رضا المولى (سبحانه) ...
فهي غاية كل مؤمن وطموح أي مسلم ومنزلة جميع محسن ...
والعكس بالعكس ؛ فمن
طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ؛ لأنه : لم يدرك الوعد الإلهي ...

(( ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً , ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))
.

ولكل غانية (مهرها ) ...
ومهر (السعادة) ... (الاستقامة)

إن كنت تسعى للسعادة فاستقم ** تنل المراد وتغدو أول من سما

فشمري عن ساعديك ...
ولا تتردي في مساعيك ...
أو تعجزي في مبانيك ...
وابدئي ترميم صرحك وعاليك ...

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ** بعزم نصيح أو مشورة حازم
ولا تحسب الشورى عليك غضاضة ** فإن الخوافي قوة للقوادم
و خل الهوينى للضعيف ولا تكن ** نؤوماً فإن الحر ليس بنائم


وإياكِ ... إياكِ ... أن تركني
لسعادة الدنيا ... فهي :

ألا لا ترُم أن تستمر مســرة ** عليك فأيــام الســـرور قلائــــل
ولا تطلب الدنيا فإن نعيمها ** ســراب تراءى في البـسيطة زائــل



ثم تيقني :

بأن كل ما ترينه خير لك ؛ وإن بدا لك خلاف ذلك
وأن ما ينتظرك ... حلاوة وسعادة ونعيم
بشرط إن تحسني الظن بربك ... وتثقي بوعده ؛ بأن /

" من كانت الآخرة همته جمع الله له أمره وجعل
غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ...
وأن من كانت الدنيا همه فرّق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ".


يا صاحب الهم إن الهم منفرج ** أبشر بخير فإن الفارج الله
إذا بليت فثق بالله وارض به ** إن الذي يكشف البلوى هو الله
اليأس يقطع إحياناً بصاحبه ** لا تيأسن فإن الكافي الله
الله حسبك مما عذت منه به ** وأين أمنع ممن حسبه الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة ** لا تجزعن فان القاسم الله
والله مالك غير الله من أحد ** فحسبك الله في كل لك الله

ولا يجتمع يقين وسوء ظن ...
فالمؤمن لا يكون إلا حَسَنَ الظن ِ...

لا يكـن ظـنـك إلا سيـئـاً ** إن الظن مـن أقـوى الفطـن
ما رمى الإنسان في مخمصةٍ ** غير حسن الظن والقول الحسن


ولكل كربة زوال ... ولا يعقب الهم إلا الفرج


ولرب نازلة يضيق لها الفتى ** ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج

ثم أن الأمر لا يكلفك ...
إلا تضرع بيقين ...
و لن يعوزك ...
سوى يقين متضرع ...
ولا فرق ...

إذا عرضت لي في الزمان حاجة ** وقد أشكلت فيها علي المقاصد
وقفت بباب الله وقفة ضارع ** وقلت : إلهي إنني لك قاصد
ولست تراني واقفاً عند باب من ** يقول فتاه : سيدي اليوم راقد

فلا كسب إلا بالتقى ...
ولا خسارة إلا من معصية ...

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى ** تجرد عرياناً ولو كان كاسياً
فخير ثياب المرء طاعة ربـه ** ولا خير فيمن كان لله عاصياً


وخلاصة ما سبق :

كن عن همومك معرضاً ** وكِلِ الأمور إلى القضا
وأنعم بطول سلامــــــة ** تُسليك عمّا قد مضـى
فلربما اتسع المضيــق ** وربما ضاق الفضــــا
ولَرُبَّ أمرٍ مسخــــــطٍ ** لك في عواقبه رضى
الله يفعل ما يشـــــــاءُ ** فلا تكن متعرضـــــــا





2- تعرفي :

لحقيقة هدفك ... وطبيعة مهمتك ...
ولا تنشغلي بتضميد جرحك ...

وقد يرجى لجرح السيف برؤ ** ولا برؤُ لما جرح اللسان
جراحات السنان لها إلتئام ** ولا يلتام ما جرح اللسان
وجرح السيف تدمله فيبرى ** ويبقى الدهر ما جرح اللسان


فما أنت إلا ربان سفينة ... قدره ؛
أن يكون صاحب قرار ...
ومن بيده / جنة الدنيا والنار /
وقد قيل :


وإذا تشاجر في فؤادك مرة ** أمران فاعمد للأعف الأجمل
وإذا هممت بأمر سوء فاتئد ** وإذا هممت بأمر خير فافعل

ولا يخفاك بأن (شطرك) قد يجهل مكنون (قلبك)
بأن لسانك يصرخ :

أموت ولا تدري وأنت قتلتني ** ولو كنت تدري كنت لا شك: ترحمُ
أهابـك أن أشكـو إليك صبابتـي ** فــلا أنا أبــديــها ولا أنت تــعــلــمُ
لسانــي و قلبـي يكتمان هواكـمُ ** ولكـــن دمعــي بالهــوى يتكلـــــــمُ
وإن لم يبح دمعي بمكنون حبكم ** تكــلـم جسمــي بالنحول يترجــــــمُ


لا ... لا ... ثم لا ...
اطردي عن بابك كل شك ...
وتدبري :

أكاد أشك في نفسي لأني ** أكاد أشك فيك وأنت مني
يقول الناس أنك خنت عهدي ** ولم تحفظ هواي ولم تصني
وأنت مناي أجمعها مشت بي ** إليك خطى الشباب المطمئن
يكذب فيك كل الناس قلبي ** وتسمع فيك كل الناس أذني
وكم طافت علي ظلال شك ** أقضت مضجعي واستعبدتني
كأني طاف بي ركب الليالي ** يحدث عنك في الدنيا وعني
على أني اغالط فيك سمعي ** وتبصر فيك غير الشك عيني
وما أنا بالمصدق فيك قولا ** ولكني شقيت بحسن ظني
وبي مما يساورني كثير ** من الشجن المؤرق لاتدعني
تعذب في لهيب الشك روحي ** وتشقى بالظنون وبالتمني
أجبني اذ سألتك هل صحيح ** حديث الناس خنت , ألم تخنِّ ؟
أكاد أشك في نفسي لأني ** أكاد أشك فيك وأنت مني



ثم
تعرفي :

لدواخل نفسك ؛ وانشدي لواعج قلبك
حتى تحسني مداراة جميل حبك ...

كتبت وقلبي ؛ يشهد الله ؛ ** عندكم ولو أنني طير لكنت أطيرُ
وكيف يطير المرء من غير أجنحٍ؟ ** ولكن قلب المستهام يطيرُ


ولأجل أن تجدي الطريق الصحيح
لإرجاع (شطرك) بعد تمريض (قلبك) ...


تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها ** إن السفينة لا تجري على اليبس

نعم ... أنا أعلم بأن مقصدك :

أغار عليك من عيني ومني ** ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني ** إلى يوم القيامة ما كفاني

ولكن ... هل تعرفين مفتاح (شطرك) ؟

احرص علي ود القلوب من الاذى ** فرجوعها بعد التنافر يعسر
إن القلوب اذا تنافر ودها ** مثل الزجاجه كسرها لا يجبر


وهل وعيت لزوم محاسبة النفس ... والحذر من تزكيتها ؟ ...

((
ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى ))

ولربما ... كان ما تعانيه ... عيب فيك !

" يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه "

ودورك أن تفتشي عنه ... فتصلحيه ...
وليست هذه بالمهمة السهلة ...
...
مالك ... عجبتِ !
وهل مزيد إيضاح ... أردتِ ؟
... حسناً ... لك ما طلبتِ ...
وساشرح ... ما قرأتِ ؛

فأقول ...
" من أشد عيوب الإنسان خفاء عيوبه عليه , فإن من خفي عليه عيبه خفيت عليه محاسن غيره , ومن خفي عليه عيب نفسه ومحاسن غيره فلن يقلع عن عيبه الذي لا يعرف , ولن ينال محاسن غيره التي لا يبصر أبداً "

قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ** ويذكر عيباً في أخيه قد اختفى
ولو كان ذا عقل ٍلما عاب غيره ** وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى


ولو فرضنا ... اكتمالك ...
وخلوك ... مما يعيب جمالك ...
فلم لا يكون شعارك ... :


تواضع تكن كالنجـم لاحَ لناظـر ٍ ** على صفحـات الماء وهـو رفيـعُ
ولا تكُن كالدخـان يعلـو مكابـراً ** على طبقـات الجـو وهـو وضيــعُ


وجربي أن تعمدي لتجديد الروتين ...
وتكسري فخار الاعتياد ...

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ** لملَّها الناس من عجم ومن عـرب



3- تنبهي :

فـ سبب جرحك إنما هو حبيب (قلبك) ...
ومصدر ألمك ... نفسه وليف (روحك) ...
وأنت دون غيرك تعلمين أنه لا زال (يحبك) :
وأنه ما فتيء يردد :

أحبك يا جنان فأنت مني ** مكان الروح من جسد الجبان
ولو أني أقول مكان روحي ** لخفت عليك بادرة الزمان
لإقدامي إذا ما الخيل جالت ** وهاب كماتها حر الطعان


ولا تنسي بأن (شطرك) - وإن فعل ما فعل - شريكك لا منافسك ...
وكليكما يبحر في بحر واحد ... وتستقلان السفينة نفسها ...
فلا تدعيها تغرق بمن فيها ...

إذا أنت لم تغفر ذنوباً كثيرة ** تريـبك لم يسلم لك الدهر صاحب
ومن لا يغمض عينه عن صديقه ** وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب


وديننا حثًّ على انتظار الأمل وترقب الفأل :

ما بين طرفة عين وانتباهتها ** يغير الله من حالٍ إلى حال

وما يضيرك لو تقبلت عذر (شطرك)
دونما نظر منك لقناعتك الخاصة من عدمها ...
أفلا يكيفك أنه قد جاءك معتذراً ؟

اقبل معاذير من يلقاك معتذراً ** إن بر عندك فيما قال أو فجرا
خير القرينين من أغضى لصاحبه ** ولو أراد انتصاراً منه لانتصرا


نعم ... المؤمن كيس فطن ...

كـل الحوادث مبدأها من النظر ** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ** فتك الســهام بلا قوس ولا وتر
والعبــد ما دام ذا عين يقلبها ** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسـر مقلته ما ضـر مهجـته ** لا مـرحباً بسرورٍ عاد بالضـرر



لكن ؛ تنبهي :

أن تظلمي أعز من عرفتِ لـ (قلبك)

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ** على المرء من وقع الحسام المهند

لأنك ؛ إن فعلت : أتعبت (قلبك) وخسرت (شطرك)

إذا كنت في كل الأمور معاتباً ** صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك، فأنه ** مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
أذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ** ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه


وأخاف عليك ... أن تكوني ...
ممن يداوي الناس وهو : عليل !

متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم ** عيوبا ولكن الذي فيك أكثر
فسالمهم بالكف عنهم فإنهم ** بعيبك من عينيك أهدى وأبصر


ثم ؛ إن الظلم وخيم العاقبة ...
فكيف لو صدر من أقرب الناس بحق أعز الناس !

أمـا والله إن الظلـم لـؤم ** وما زال المسيء هو الظلوم
إلى ديّـان يوم الدين نمضـي ** وعند الله تجتمـع الخصـوم
ستعلم في الحسـاب إذا التقينا ** غدا عند الإلـه من الملـوم

... مهلاً ... كاني بك ...
تقدمين أكثر من دليل وبرهان ...
على جور من أسميته (الحبيب الولهان) ...!
إن كان الأمر ما ظهر لي وبان ...
فإليك بيتين فيهما غني البيان :


إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهباً ** ولجّ عتوًا في قبيـح اكتسابـه
فكِلْـه إلى صرف الليـالي فإنها ** ستبدي له ما لم يكن في حسابه




4- تصبري :

على كل قضاء ؛ فهو وربي مفتاح كل بلاء ...
وقد زكى رب الخلق وباعث الأنبياء ...
من صبر على ما كُتب له من بلواء ...
وبنى له ما يليق بعمله من رائع البناء :


بنى الله بيتاً للأخيار سماؤه ** هموم وأحزان وحيطانه الضر
وأدخلهم فيه وأغلق بابه ** وقال لهم مفتاح بابكم الصبر


وأنت مؤمنة ... ولن يخفاك أنه :

إذا اشتد عسر فارج يســـراً فإنه ** قضى الله أن العسر يتبعه يسـر
إذا ما ألمت شدة فاصطبر لهـــا ** فخير سلاح المرء في الشدة الصبر
وإني لأستحــيي من الله أن أرى ** إلى غيره أشكو إذا مسني الضر
عسى فرج يـــأتي به الله إنه ** له كل يوم في خليقته أمــــر
فكن عندما يأتي به الدهر حازماً ** صبورا فإن الخير مفتاحه صبر
فكم من هموم بعد طول تكشفت ** وآخر معسور الأمور له يسـر


وحاولي أن تمزجي صبرك بكريم عفوك :

قيل لي قد أساء إليك فلان ** ومقام الفتى على الذل عار
قلت: قد جاءني وأحدث عذرا ** دية الذنب عندنا الإعتذار


أي ... أعلم بأن الأمر يبدو صعباً ...
لكن ...

إذا ضيقت أمراً زاد ضيقاً ** وإن هونت صعب الأمر هانا
فلا تجزع لأمر ضاق شيئا ** فكم صعب تشدد ثم لانا


و ...

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ** ودافع ولكن بالتي هي أحسن

وتصبري :

على إحسان النصيحة ...
من كلماتٍ ... ووقتٍ ... وطريقة ٍ:

تعمدني بنصحك في انفرادي ** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ** من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ** فلا تجزع إذا لم تعط طاعه


وليس كل ما يظهر ...
يقبل التذكير والنصيحة ...
سوى / ترك واجب ؛ أو قصور في حق ...

ذكِّرْ أخاكَ إِذا تناسى واجباً ** أو عنّ في آرائهِ تقصيرُ
فالرأيُ يَصْدأ كالحسامِ لعارضٍ ** يطرأ عليهِ وَصَقْلُه التذكيرُ



وفي بعض المواضع ..
تكون أجمل نصيحة ...
بالتزام الصمت وترك الفضيحة ...

وجدت سكوتي متجراً فلزمته ** إذا لم أجد ربحاً فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر ** وتاجره يعلو على كل تاجر




5- تغافلي :

وازعم بأنه مكمن سعادة (القلب) ...
وقد روي عن ابن حنبل /رحمه الله أنه قال :

" تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل "

تغافل ولا تغفل فما ساد غافل ** وكن فطناً مستيقظاً متغافلاً
ورب مسيء نادم تاب وأرعوى ** فظنك بالأمر المكدّر جاهلاً
ولو كان يدري أن هفوته نمت ** إلى علمك استحيا وأصبح راحلاً
فكن حازماً في السر تسلم وغافلاً ** علانية تظفر بما كنت آملا

ولا تغفلي ... والفرق بينهما واضج جلي ...
إذ المطلوب ؛ التغافل عن كبوة (الحبيب) ...
وهفوة من كان (للقلب) قريب ...
وترك ما يريبك إلى ما لا (يريب) ...
فذلك أثر - والله - (عجيب) ...



ماكنتُ مذ كنتُ إلا طوع خلاني ** ليست مؤاخذةُ الإخوان من شاني
يجني الخليل فأستحلي جنايته ** حتى أدل على عفوي وإحساني
إذا خليلي لم تكثر إساءته ** فأين موضع إحساني وغفراني
يجني عليَّ وأحنو صافحاً أبداً ** لاشيء أحسن من حان ٍعلى جان ٍ

أما الغفلة (المكروهة) ...
والفعلة (المقبوحة) ...
ما عانته هذه الروح (المجنونة) ...
بأن تعلقت بأوهام (ممقوتة)


تكادُ تضيء النارُ بينَ جوانحي ** إذا هِيَ أذكتها الصبابَةُ والفِكرُ
معللتي بالوصل ؛ والوصل دونهُ ** إذا بِتُّ ظماناً فلا ننَزَلَ القَطرُ
حفظتُ ؛ وضيعتِ المودةَ بيننا ** وأحسنُ من بعضِ الوفاءِ لَكِ الغَدرُ
وفَيتُ ؛ وفي بعض الوفاء مَذَلَّةٌ ** لإنسانةٍ في الحيِّ شيمتها الغدرُ
تُسائلني : مَن أَنت ؟ وهي عليمَةٌ ** وهَل بفتي على حالهِ نُكرُ؟
فقلتُ كما شاءت وشاء لها الهوى : ** قتيلُكِ ، قالت : أيهُم ؟ فهُمُ كُثرُ


وإن أردت اختصار الكلام ... !
فعليك بخاتمة المقام ... :


أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** فطالما استعبد الإنسان إحســــان
وكن على الدهر معواناً لذي أمل ** يرجوا نداك فان الحر مـــعوان
واشدد يديك بحبل الدين معتصماً ** فإنه الركن إنْ خانتك أركـــان
من استعان بغير الله في طلب ** فان ناصــــره عجز وخــــــــذلان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة ** إليه والمال للانسان فتـــــــــان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه ** ندامة ولحصد الزرع ابــان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها ** فليس يسعد بالخيرات كســــلان
لا ظل للمرء يعرى من تقى او ** نهى وإن اظلته اوراق واغصان
لا تودع السر وشاء يبوح به ** فما رعى غنما في الدو سرحـــان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً ** فلهم غرائز لست تدريها وأكـنـــان
حسب الفتى عقله خلا يعاشره ** إذا تحاماه إخوان وخـــــــــــــلان

...


وفي الختام ... يوقع من أمتهن اليوم غير مهنته ...
وأرتدى بزة ... تفوق بزته ...
بأنه يحاول أن يتمنطق الحكمة وليست بسلعته ...
ويلاعب الكلمة ... وما هي بحرفته ...
ودافعه لقوة سطوته وفداحة جريمته ...
أنه يحلم بأن تكون صفته :

خصائص من تشاوره ثلاث ** فخذ منها جميعاً بالوثيقة
وداد خالص ووفور عقل ** ومعرفة بحالك بالحقيقة
فمن حصلت له هذي المعاني ** فتابع رأيه وألزم طريقه

وفي نفس الوقت ... يثق بأن ما يقوله يطبقه ...
ويرجو الله أن لا يكون فيما سبق قد تجاوز أفقه ...
وتعدى حده فخرقه ...

أسير خلف ركاب النجب ذا عرج ** مؤملاً كشف ما لاقيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ** فكم لرب الورى في ذاك من فرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعاً ** فما على عرجٍ في ذاك من حرج


وقد أعتاد ... أن ينظر للنصف المملوء من الكوب

تقول هذا جنى النحل تمدحه ** وإن شئت قلت ذا قيء الزنابير
مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما ** والحق قد يعتريه سوء تعبير



وملخص وصفته : { يقين ومعرفة وتفهم وصبر وتغافل }

فهل تعجزكِ هذه { التاءات الخمس } ؟


انتهت بحمد الله.


التوقيع : ( المتطبب )
// شتات فكر //

4 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق