2010/01/21

البيوت أسرار

اندفع الصغير يتوسل إلى أبيه بصوت امتزجت فيه حروفه بدموعه ، ونبراته بعبراته ، مما جعل صوته يخرج متقطعاً أرجوك يا أبتِ … أن تعيد النظر في قرارك … فما زلت صغيراً غير قادرٍ على ذلك … ثم كيف لي أن أعيش بعيداً عنك وعن والدتي وأخوتي ؟ فصرخ فيه الأب بصوت هادر: قلت لك مائة مرة القرار نهائي ولا رجعة فيه . فرد عليه الصغير وقد تحول توسله إلى بكاء مرير ، يقطع نياط القلوب : أتوسل إليك وأستحلفك بالله هل رأيت ابن جارنا وقد جاوز العشرين من عمره لماذا لم يخرجه أبوه كما تغرم … قاطعه الأب: لا شأن لنا بغيرنا! ثم إنهم يختلفون عنا في أشياء ونواحي عديدة . إن لكل رجل طريقته في تسيير أمور عائلته ومنزله . تدخلت في هذه اللحظة الأم قائلة : اعقل يا رجل! ما زال صغيراً على الاستقلال بحياته ! أنسيت أنه لم يجاوز الستة أشهر من عمره بعد؟! زفر الأب وقال بتملل وتهكم : مازال صغيراً! عمره ستة أشهر وتقولين ما زال صغيراً ! ألم يفعل والدي ووالدك الأمر نفسه ؟ بل إني ألوم نفسي على تأخري في حسم الموضوع وإلا من المفروض أن يكون ابننا قد استقل بحياته منذ أكثر من شهر . ردت عليه الأم : لكل زمن حكمه ، فما يصلح بالأمس ليس بالضرورة صالح لليوم ، وما يصلح لليوم قد لا يناسب الغد . ابتسم الأب وهو يقول: دعينا من هذه الفلسفة فسنن الحياة ثابتة لا تتغير ، والموضوع قد حسم فكفي عن إزعاجي ، ثم التفت نحو الصغير وقال متحاشياً النظر إلى عينيه أن خارج الآن ولا أريد رؤية وجهك عند عودتي . انفجر الصغير بالبكاء وقد عجز لسانه عن الكلام فضمته أمه وهي تبكي بصوت خافت ، اتجه الأب صوب الباب وقبل أن يخرج التفت ناحية صغيره ليلقي عليه نظرة أخيرة ، وإذا بعينيه تتسعان حتى كادتا أن تخرجا من مكانهما وهو يرى رجلا مندفعاً من داخل المنزل وقد حمل في يده عصاً غليظة وهو يصرخ فيهم : أيتها القطط اللعينة ألم أحذرك من دخول منزلي مرة أخرى ! .*


Sa3uD
* //شتات قلم  لخطوات أولى متعثرة //عام 1421هـ تقريباً في المرحلة الجامعية

0 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق